فيصل عباس - الرؤية
تشير التطورات الأخيرة في الولايات المتحدة إلى زيادة نسبة حصول رجل الأعمال المثير للجدل دونالد ترامب، على تذكرة ترشيح الجمهوريين للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وبطبيعة الحال، يستطيع ترامب أن يقول ما يشاء حالياً ضد المسلمين، وضد المكسيكيين، وأن يصعّد اللهجة ضد الصين، وكذلك ضد روسيا .. فهو الآن لا يزال يمثل شخصه وحسب. ومن البديهي توقع أن النبرة ستخف، والمواقف سوف تتغير في حال وصوله فعلاً إلى سدة الرئاسة.
فبدخول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض ـ لو حدث ـ يصبح تلقائياً محكوماً بالدستور، ومقيداً بتوازنات اللعبة السياسية في حلبة الكونغرس، والمحكمة العليا، وعليه تقبل أن يساوم المعارضة من أجل تمرير قرارات معينة، والتخلي عن أخرى.
لكن ماذا إذا استطاع ترامب تمرير نصف أو حتى ربع ما توعد به المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية؟ وكيف ستكون سياسته تجاه الشرق الأوسط وحلفاء الولايات المتحدة في الخليج والعالم العربي؟
لا أريد أن «أبكي على اللبن المسكوب»، كما يقول المثل الإنجليزي .. إلا أن الدول العربية ـ وتحديداً الكبرى منها ـ تدفع حالياً ثمن عدم إتقانها لفن الضغط عبر اللوبيهات، وثمن ربط مصالحها بأشخاص معينين (مثل آل بوش الذين باتوا الآن خارج المعادلة بعد ضعف أداء المرشح جيب بوش).
الفرق بين العرب والإسرائيليين مثلاً هو أن لوبي «إيباك» يعمل من القاع صعوداً، وليس بالعكس. فهم يسوقون إسرائيل للمواطن الأمريكي الناخب، الذي يمارس الضغط على ممثله في الكونغرس. كما أن لـ «إيباك» حلفاء على الجهتين (الجمهوريين والديمقراطيين) بحيث يستطيع تمرير مصالحه بغض النظر عمن يفوز في الانتخابات الرئاسية.
على القوى العربية التي تريد أن تكون فاعلة في الولايات المتحدة أن تدرك أن المال وحده لن يحل المشكلة .. ولن تستطيع شركات العلاقات العامة ـ مهما كانت جيدة ـ قلب الحقائق. لكن بوجود سفراء وأشخاص محنكين على الأرض، وبالعمل وفق القواعد الأمريكية، فمن المؤكد أن شخصاً مثل ترامب لن يستطيع تمرير أجندته (إن افترضنا أن لديه أجندة أصلاً، وليس مجرد عبارات للاستهلاك الإعلامي).
لا بد أن نتقن قواعد اللعبة الأمريكية، وحين نفعل فبالتأكيد سوف ننجح .. خصوصاً أن قضايانا أكثر عدالة وأسهل من إقناع العموم بفوائد التدخين، أو الترويج لحمل المعلمين السلاح في المدارس.
No comments:
Post a Comment