Wednesday, January 2, 2013
تاريخ زنجبار - الثورة
يقع أرخبيل زنجبار في المحيط الهندي هو الآن جزء من الساحل الأفريقي لتنزانيا، وهو مجموعة من جزر بالقرب من ساحل تنجانيقا. ويضم الساحل الجنوبي لأنغوجا (وهي جزيرة زنجبار)، وجزيرة أصغر بالشمال وهي جزيرة بمبا، وعدد من الجزر الصغيرة المحيطة. كان تاريخ زنجبارمرتبطا بالحكم العماني الذي يعود تاريخه إلى 1698، حيث كان الإقليم تابع لسلطنة عمان حتى استقلاله عنها سنة 1858 فكون سلطنة خاصة به[5]. ثم أضحت في عهد علي بن سعيد سنة 1890 محمية بريطانية[6]، وعلى الرغم من أنها لم تكن تحت الحكم المباشر بشكل رسمي إلا أنها اعتبرت جزءا من الامبراطورية البريطانية.
كان نظام الحكم في البلاد حتى عام 1964 ملكية دستورية يحكمها السلطان جمشيد بن عبد الله[7]. ويبلغ عدد سكان زنجبار حوالي 230،000 من الأفارقة — وبعضهم يدعي بأنهم من أصول فارسية ويعرفون محليا بالشيرازيون[8]— ويوجد أيضا أقليات كبيرة من العرب وعددهم 50،000، ومن جنوب آسيا 20،000 وهم مشهورون بالأعمال الحرة والتجارة[8]. واختلطت تلك الجماعات العرقية المختلفة مع بعضها حتى كادت أن تصبح الفروق بينهما غير واضحة[7]؛ ووفقا لقول أحد المؤرخين، بأن السبب الرئيس للدعم العام لحكم جمشيد كسلطان هو في التنوع العرقي لعائلته[7]. ومع ذلك فإن سكان الجزيرة العرب وهم ملاك الأراضي الرئيسية في الجزيرة، وكانوا بشكل عام أكثر ثراء من الأفارقة[9]؛ وتشكلت الأحزاب السياسية الرئيسية على أسس عرقية إلى حد كبير، فالعرب يسيطرون على حزب زنجبار الوطني (ZNP) والأفارقة على حزب أفروشيرازي[7].
بدأت السلطات البريطانية في يناير 1961 العمل على وضع دوائر انتخابية والبدء بالانتخابات العامة كجزء من عملية إنهاء الاستعمار (en) لتلك الجزيرة[9]. فقد فاز كلا من الحزب الوطني والأفروشيرازي ب11 لكل منهما من مجموع مقاعد البرلمان ووعددها 22 مقعد[7]، لذا فقد اعيدتالانتخابات مرة أخرى في يونيو من نفس العام مع زيادة مقاعد البرلمان إلى 23. فتحالف الحزب الوطني مع حزب شعب زنجبار وبمبا (ZPPP) فنال التحالف 13 مقعد، بينما نال الحزب الأفروشيرازي 10 مقاعد فقط مع أنه نال أغلبية الأصوات[7]. فاشتبه الحزب الأفروشيرازي بتزوير الانتخابات مما سبب باندلاع اضطرابات محلية، فقتل جراء ذلك 68 شخصا[7]. لذلك كي تحافظ الحكومة الائتلافية على سيطرتها، فقد حظرت ظهور الأحزاب المعارضة المتطرفة، وتعيين الموالين إليها لشغل مناصب الخدمة المدنية، وتسييس الشرطة[9].
وفي انتخابات 1963 زادت عدد المقاعد البرلمانية إلى 31 مقعد، وتكرر مشهد التصويت مثل انتخابات 1961. نظرا لتصميم الدوائر الانتخابية فإن الحزب الأفروشيرازي بزعامة عبيد أماني كرومي فاز ب 54% من الأصوات العامة ولكنه لم ينل سوى 13 مقعدا[10]، بينما نال تحالف الحزب الوطني مع حزب الشعب الباقي وقام بتعزيز قبضته في السلطة[9]، فمنعت حزب الأمة الذي شكله من نفس العام الساخطون من أنصار الاشتراكية الراديكالية العربية للحزب الوطني[11]، وتم طرد جميع أفراد الشرطة من ذوي الأصول الأفريقية[10][12]. إزالت تلك العملية جزء كبير من القوة الأمنية الوحيدة في الجزيرة، وخلقت مجموعة شبه عسكرية مدربة من أشخاص الغاضبين لهم دراية واطلاع على مباني الشرطة ومعداتها وإجراءاتها[13].
نالت زنجبار استقلالها التام عن الحكم البريطاني في 10 ديسمبر 1963، فيما لايزال التحالف ممسكا بالهيئة التشريعية. وقد طلبت الحكومة من المملكة المتحدة عمل اتفاقية الدفاع بينهما، طالبة فيها بكتيبة من القوات البريطانية لتكون متمركزة في الجزيرة للقيام بمهام الأمن الداخلي[2]، ولكن البريطانيين رفضوا ذلك باعتبار أنه من غير المناسب للقوات البريطانية أن تشارك في أعمال صيانة القانون والنظام في وقت قريب جدا من الاستقلال[2]. وقد توقعت تقارير المخابرات البريطانية بظهور اضطرابات مدنية يرافقها زيادة في النشاط الشيوعي، وذلك المستقبل القريب وأن وصول القوات البريطانية قد يتسبب بزيادة في تدهور الوضع[2]، مع أن لا يزال هناك العديد من الرعايا الأجانب في الجزيرة بمن فيهم 130 بريطانيا كانوا موظفين في الحكومة الزنجبارية[14].
الثورة
في يوم 12 يناير 1964 وحوالي الساعة 3:00 صباحا, تعرضت مراكز الشرطة في أنغوجا لهجوم من مجموعة متمردة تعدادها 600–800 وهي مسلحة بسلاح بسيط وأغلبهم من الأفارقة ويساعدهم بعض الشرطة المسرحين، حيث هاجموا كل من مستودعات الشرطة التابعة لها ومحطة الإرسال[1][2]. وبما أن الشرطة العرب البدلاء لم يتلقوا تقريبا أي تدريب، لكن كانت لهم استجابة مع القوة المهاجمة إلا أنه قد تم التغلب عليهم بسرعة[1][15]. فأخذ المهاجمون المئات من البنادق الأوتوماتيكية والمدافع الرشاشة والبرنو، فسيطر المتمردون على المباني الحساسة في العاصمةزنجبار القديمة (en)[16][17]. وفي خلال ست ساعات من اندلاع القتال تمكن الثوار من السيطرة على مكتب التلغراف والمباني الحكومية الرئيسية، وأخذوا مهبط طائرات الوحيد في الجزيرة في الساعة 2:18 م[16][17]. وقد فر السلطان جمشيد ومعه رئيس الوزراء محمد شامتي حمادي (en)والوزراء على اليخت السلطاني المسمى سيد خليفة[17][18]. فاستولى الثوار على قصر السلطان وباقي الممتلكات السلطانية، معلنين حكومة جديدة[3]. وقد قتل جراء ذلك حوالي 80 شخصا وجرح 200، وأغلبهم من العرب، وذلك خلال 12 ساعة التالية من القتال في الشوارع[3]. وتم اعتقال 61 أمريكي بمن فيهم الموظفين ال16 التابعين لمحطة ناسا لرصد الأقمار الصناعية الذين لجأوا إلى النادي الإنجليزي في زنجبار تاون، واعتقلت الحكومة الجديدة أيضا أربعة صحفيين أمريكان[17][19].
وفقا لتاريخ زنجبار الرسمي فقد كان أماني عبيد كرومي زعيم حزب الأفروشيرازي هو المخطط للثورة وقائدها[2]. ولكن في الوقت الذي كان كرومى على البر الأفريقي مع زعيم حزب الأمة المحظور عبد الرحمن محمد بابو (en)[18]، فإن سكرتير الحزب الأفروشيرازي لبمبا الأوغندي المولد والشرطي السابق جون أوكيلو (en) كان قد أرسل كرومى إلى أفريقيا لضمان سلامته[1][18]. وقد دخل أوكيلو زنجبار قادما من كينيا سنة 1959[7]، مدعيا بأنه كان برتبة مشير مع المتمردين الكينيين خلال ثورة الماو ماو (en) مع أن بالواقع ليست لديه أي خبرة عسكرية[1]. وأكد انه سمع صوتا يأمره كمسيحي أن يحرر شعب زنجبار من العرب[7]، وقد قاد اوكيلو جيش الثوار—أغلبهم أعضاء في اتحاد شبيبة الأفروشيرازي العاطلين عن العمل—في 12 يناير[2][12]. وقد تكهن أحد المعلقين بأنه من المحتمل أن أوكيلو وعصبة الشبيبة هم الذين خططوا لتلك الثورة[2]
أنشأ حزبي الأفروشيرازي والأمة مجلسا ثوريا ليكون بمثابة حكومة انتقالية، حيث يتزعم كرومى المجلس كرئيس للبلاد (en) ويكون بابو وزيرا الشؤون الخارجية[18]. تم تغيير اسم البلد إلى جمهورية زنجبار وبمبا الشعبية[1]؛ وكانت أول أعمال الحكومة الجديدة هو الطرد النهائي للسلطان وحظر حزبي الوطني وشعب زنجبار وبمبا[3]. ولكي ينأى كرومي بنفسه عن اوكيلو صاحب المزاج المتقلب، فقد أبعده بهدوء عن الساحة السياسية، وإن سمح له بالاحتفاظ بلقب المشير الذي منحه لنفسه[1][18]. ومع هذا فسرعان مابدأ الثوار أتباع اوكيلو بأعمال انتقامية ضد سكان أنغوجا من العرب والآسيويين، حيث نفذوا عمليات الاعتداء والقتل والاغتصاب وهاجموا الممتلكات[1][18]. وطالب أوكيلو في خطبه الإذاعية إلى قتل وسجن عشرات الآلاف من الأعداء والعملاء[1]، وقد اختلفت التقديرات الفعلية لعدد الوفيات اختلافا كبيرا، فمن عدة "مئات" إلى 20،000. بعض الصحف الغربية أعطت أرقام ما بين 2،000-4،000[19][20]؛ فالأرقام العالية التي ذكرت في إذاعة أوكيلو وكذلك في تقارير بعض وسائل الاعلام الغربية والعربية قد يكون مبالغا فيها[1][4][21]، وقد وثق طاقم فيلم إيطالي قتل الأسرى العرب ودفنهم في مقابر جماعية حيث تم التصوير من على متن طائرة هليكوبتر لعمل فيلم اسمه "Africa Addio"، وهذا المقطع من الفيلم يضم الوثيقة المرئية الوحيدة المعروفة عن عمليات القتل تلك[22]. وقد فر الكثير من العرب طلبا للأمان إلى عمان[4]، وبأمر من اوكيلو لم يمس أحدا من الرعايا الأوروبيين[18]، وكذلك لم تتعرض بيمبا لهذا العنف الطائفي الذي حدث بعد الثورة[21].
بحلول 3 فبراير عادت الأمور في زنجبار إلى حالتها الطبيعية، وقد لاقى كرومى القبول الواسع من الشعب كرئيسا للبلاد[23]. وأعادت الشرطة تواجدها في الشوارع وفتحت المحلات المنهوبة وسلم السكان المدنيون الأسلحة غير المرخصة[23]. وأعلنت الحكومة الثورية أن سجناؤها السياسيون وعددهم 500 سوف يحاكمون في محاكم خاصة. وشكل اوكيلو ميليشيا شبه عسكرية اسمها قوة الحرية العسكرية، وأغلب اعضاؤها من مؤيديه، حيث قامت بدوريات في الشوارع ونهبت ممتلكات العرب[24][25]. كان تصرف أنصار اوكيلو وخطابه العنيف ولهجته الأوغندية وديانته المسيحية قد سببت نفورا عند الكثير من أهالي زنجبار المسلمين وكذلك الحزب الأفروشيرازي[26]، وبحلول شهر مارس قامت ميليشيا مؤيدة لكرومي وحزب الأمة بنزع سلاح العديد من أتباع أوكيلو. وفي يوم 11 مارس جرد اوكيلو من رتبة مشير[25][26][27]، ومنع من دخول زنجبار عند محاولته العودة من رحلة إلى البر الرئيسى. وقد رحل إلى تنجانيقا ثم إلى كينيا ثم عاد بعد ذلك معدما إلى وطنه الأم أوغندا[26].
بدأت الحكومة في أبريل بتشكيل جيش التحرير الشعبي وانتهت من نزع سلاح ماتبقى من ميليشيا اوكيلو[26]. وفي 26 أبريل أعلن كرومى بأن هناك مفاوضات للإتحاد مع تنجانيقا لتشكيل دولة جديدة هي تنزانيا[28]. ووصفت وسائل الاعلام المعاصر آنذاك الإتحاد بأنه وسيلة لمنع التغلغل الشيوعي إلى زنجبار؛ وذكر مؤرخ واحد على الأقل أن تلك المحاولة من كرومى وهو اشتراكي معتدل كانت للحد من تأثير راديكالية حزب الأمةالاشتراكي اليساري[24][28][29]. ومع ذلك فقد اعتمدت الحكومة الكثير من سياسات حزب الأمة الاشتراكي وطبقتها على الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية[21].
Sent iPadn Ť€©ћ№©¶@τ
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment