العقيدة المورمونية
ولكن من هم المورمون وماهي عقيدتهم الدينية ؟
من سمع عن العقيدة المورمونية مسبقا قد لا تتجاوز معلوماته عنها مسألة تعدد الزوجات التي اشتهر أفراد هذه الطائفة بها، فموضوع تعدد الزوجات وموضوع تحريمهم للمشروبات الكحولية والسجائر والقمار هو أكثر ما اشتهر به إفراد هذه الطائفة، للدرجة التي يقول فيها البعض أنهم من أكثر الديانات قربا من المسلمين نظرا لاشتراكهم معنا في تحريم كل هذه المحرمات، وربما يعتقد الكثيرون إن المورمونية هي احدى طوائف الديانة المسيحية، الا ان الواقع يشير الى ان المورمون يثيرون حفيظة العديد من المذاهب المسيحية، بل ان الكثير من الكنائس المسيحية في العالم ترفض الاعتراف بهم، ومازال عدد كنائسهم قليلاً بالمقارنة مع كنائس المذاهب المسيحية الأخرى.
والمورمونيون المبشرون لا يتوقفون عن التبشير وخصوصا تبشير الطوائف المسيحية الاخرى ومحاولة إقناعهم للتحول للمورمونية، ومؤسس عقيدتهم هو جوزف سمث الذي ظهر في القرن التاسع عشر، وأعلن عن نبوته وانه رسول الله للقارة الأمريكية،وأسس سميث كنيسة يسوع المسيح بعدها، وولاية يوتا هي المقر الرئيسي اليوم لكنيسة المورمون ويدين %71 من سكان يوتا بالمورمونية.
زواج مبكر وأشياء أخرى
الملامح الطفولية التي بدت واضحة على محيا كل من العروس وعريسها واللذين جلسا في ظهيرة ذلك اليوم في بهو الفندق الذي كنا يقيم به في يوتا، وهي الفترة التي يفضل فيها الأمريكيون والأوربيون عموما عقد قرانهم فيها جعلتني اندهش قليلا، فكم هي صغيرة في السن هذه الطفلة التي ستزف إلى عريسها خلال دقائق معدودة، والشيء نفسه بدا واضحا أيضا على ملامح الزوج التي كانت تكشف أيضا عن صغر سنه، واندهاشي نابع من كوني لم أكن أتصور شيوع الزواج المبكر لدى الأمريكيين أيضا كما يحدث في مجتمعاتنا العربية، إلا إن اندهاشي زال بعدها عندما علمت ان سبب لجوء هذه الطائفة للزواج المبكر هو ان عقيدة المورمون ترفض الجنس قبل الزواج، وتعتبره من المحرمات، بل ان قوانينهم تجرم الزنا بعقوبات مشددة، وهم يهتمون كثيرا بموضوع العذرية لدى الفتيات والشباب معا ولهذا ينتشر الزواج المبكر بين هذه الطائفة .
وأغلب ابناء طائفة المورمون يؤمنون كثيرا بموضوع تعدد الزوجات، ويعتقدون ان التعدد يمكنهم من القيام بواجباتهم الدينية في التبشير على أكمل وجه، وهذا ما يبرر كثرة الإنجاب لدى المورمون وهو أمر غير متعارف عليه في المجتمعات والطوائف الأخرى، ولكن المعدل الطبيعي لعدد أفراد أي عائلة مورمونية يزيد عادة على 5 أشخاص، وقد يصل البعض إلى اضعاف هذا الرقم .
الشاي والقهوة من المحرمات
إذا تلقيت دعوة على الغداء أو العشاء لدى عائلة تدين بالمورمونية فلا تفكر يطلب الشاي او القهوة، ولا تفكر أيضا في تدخين سيجارة على مرأى منهم، فالشاي والقهوة وكل ما يحتوي على الكافيين من المحرمات لديهم ولا تختلف هذه الأشياء في تحريمها عن تحريم شرب المشروبات الكحولية.
المورمونيون كما عرفناهم في يوتاه وخلال اسبوع كامل قضيناه في بلاد جبال روكي حريصون جدا على الروابط العائلية، وعائلات المورمون الممتدة عادة ما تسكن في بيت واحد حتى لو تعددت الزوجات.
في يوتاه ستختبر وتلمس نوعا جديدا من التعامل مع الناس قد لا تجد له مثيلاً في واشنطن او في نيويورك، فسيغمرك المورمن بتواصلهم معك، ستلمس الابتسامة واضحة على الوجوه، وسوف تجد ان هناك العديد ممن لديهم الرغبة للحوار وتبادل الأحاديث معك رغم انك غريب، وحتما لن تشعر بهذه الغربة في يوتا في ظل كل هذا التواصل .
وسكان يوتا من المورمون- وهم الغالبية- محافظون جدا، فالسكون يلف المدينة في وقت مبكر من اليوم، وحياة الليل في يوتا ضئيلة جدا ولا تكاد ان تذكر، البارات والديسكوات موجودة ولكنها قليلة جدا ولا يتردد عليها المورمون مطلقا، أيضا لا يوجد في يوتا أماكن منظمة للدعارة كما قد نشاهد في بعض الولايات الأمريكية الأخرى.
العقيدة المورمونية والفيدرالية:
كان من الضروري جدا ان يتنازل المورمونيون عن بعض مبادئ عقيدتهم الدينية لقاء الانضمام للاتحاد الفيدرالي الأمريكي، فدستور ولاية يوتا اليوم يمنع تماما مسألة تعدد الزوجات ويعاقب عليها، في حين تحض العقيدة المورمونية أتباعها على ممارسة هذا التعدد، والموازنة بين القانون والعقيدة في بلد تؤثر فيها الكنيسة كثيرا على القرار السياسي يكاد يكون بالأمر الصعب، ولكنه حدث في يوتا، وهو تناقض كبير يعيشه القانونيون على وجه الخصوص في هذه الولاية، وقد سنحت لنا الفرصة للقاء نائب النائب العام لولاية يوتا في احدى المناسبات وهو مارك شورتلف، وحاصرناه بأسئلتنا حول تعدد الزوجات وكيفية تعاملهم مع هذا التناقض الغريب بين عقيدتهم كمورمن وما تنص عليه القوانين الفيدرالية.
لا تجاهر بالمعصية فربما نغض النظر عنك!!
لسان حال مساعد النائب العام لولاية يوتا مارك شورتلف كان يود لو انه صرح لنا بذلك، لكنه امر مستحيل في ظل توليه هذا المنصب القانوني رفيع المستوى، مايحدث في يوتا اليوم بالنسبة لتعدد الزوجات يمكننا ان نلخصه بالآتي: لا تلاحق السلطات في يوتا دائما من يقدم على تعدد الزوجات، بشرط الا يقترن ذلك بإحدى المحظورات الأخرى كأن يتزوج احدهم من طفله غير ناضجة، أو إن يقوم الأهل بعقد قران الأطفال، فالسلطات في يوتا قطعا لن تترك كل مهامها الأمنية لكي تطرق أبواب المنازل وتبحث عن ممارسي التعدد، إلا أنها في الوقت ذاته لا تمنح الزوجات الأخريات أي حقوق قانونية مترتبة على هذا الزواج، ولا تحرك الدعوى القضائية ضد ممارسي التعدد إلا إذا ثارت مشكلة جراء ذلك، وبشكل عام فإن الولاية لا تقاضي من يمارسون التعدد بالكيفية نفسها التي تقاضي بها من يمارسون الزنا او الشذوذ او السحاق في ولاية من اشد الولايات حفاظا على الأخلاقيات والمثل ..مع ملاحظة غاية في الأهمية هي ان القضاة الذين ينظرون في القضايا بشكل عام وقضايا التعدد هم أيضا من المنتمين للعقيدة المورمونية وهو ما يجعلهم في نزاع روحي وقانوني بين الدين والقوانين الفيدرالية ..
ومع ذلك فقد تجري الرياح احيانا بما لا تشتهي السفن كما يقال، وذلك كما حدث في العام الماضي عندما تمت ادانة احد القضاة في الولاية لأنه تزوج من أربع نساء في آن واحد، الا انه حصل على العفو بعد ان قدم استقالته من منصبه في سلك القضاء.
Sent from my iPad
No comments:
Post a Comment