المهووسون في هذا العالم كثيرون، من بينهم الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن الذي كان يقول إنه يتحدث إلى الله ويتلقى منه «الوحي»، ويستلهم سياساته من هذا «الوحي» . وهنالك أتباع «بوابة السماء» وبينهم العديد من المثقفين وخريجي الجامعات، أحدهم يضع برامج كمبيوتر لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، وقد مارس هؤلاء عملية انتحار جماعي اعتقاداً منهم أن كائنات فضائية ستأتي بعد موتهم وتحملهم إلى كوكب آخر . ونحن مهووسون بالجري وراء السلام مع «إسرائيل»، ذلك السلام الذي يبدو سراباً في صحراء، كلما اقتربنا منه ابتعد عنا . والإمبراطور الفارسي داريوس الذي أنقذ اليهود من السبي البابلي كان يعتقد أنه يتحدث إلى الله، وقد جاءته هذه القناعة من مستشاره اليهودي مردخاي، شقيق والد زوجته، وفي أحد النقوش التي تركها يقول: «طلب مني الله أن أخوض الحرب إلى جانب الضعفاء لأنقذهم من الأقوياء» . وفي مدينة سان ماتو بولاية كاليفورنيا الأمريكية تزعم سيدة في الثامنة والأربعين من العمر تدعى استريلا بانافيدس أنها تتحدث إلى الله، وتقول إنه سبحانه وتعالى يوحي إليها، بين الحين والآخر، بكلمات يطلب منها نقشها بحروف كبيرة على سطح منزلها، واستجابت استريلا للأمر «الإلهي» وحولت سطح المنزل إلى سبورة إعلانية، بحيث لو مرت طائرة على ارتفاع منخفض فوق المنزل فإن ركابها سيتمكنون من قراءتها، ولم تكتف استريلا بذلك، وإنما كتبت الكلمات على باب مرآب سيارتها وعلى هيكل السيارة ونوافذها ونوافذ المنزل، وبدأت تدق أبواب جيرانها لتتلوها عليهم، مما أثار غضب الجيران، ولكنها تقول إنه سبحانه وتعالى لم يترك لها خياراً . وتضيف: «سأستمر في عملي، لأن هذا ما ينبغي أن أفعله، فقد اختارني الله لكي أكون أَمة له، أليس هنالك ما يطلقون عليه اسم حرية شخصية».
نعم، هنالك حرية شخصية، ولكن الكلام الذي تزعم استريلا إنه موحى به عبارة عن مجموعة من البيانات السياسية العنصرية التي تشمل عدة مواضيع من بينها: الاستنساخ، وضرب الزوجات، وسوء معاملة الأطفال، والاغتصاب، والمافيا، وكاسترو، وهتلر، والدستور الأمريكي، وإعصار كاترينا، وفضيحة ووترجيت، والحرب التي تخوضها أمريكا في أفغانستان، وغير ذلك من المواضيع التي ترك سبحانه وتعالى أمر التصرف بها للبشر، وقال إنه سيحاسبهم على تصرفاتهم يوم الحساب . واستريلا أم لثلاثة أطفال، وهي عاطلة عن العمل، وتقول إن الكلمات المكتوبة على سطح منزلها ومرآب سيارتها ونوافذ منزلها تحذيرات بأن العالم يسير في نفق مظلم نحو المجهول، وأنها الوحيدة التي تستطيع تخليص العالم من الكارثة التي تنتظره، إذا استمع الناس إليها . واستريلا حرة في أن تؤمن بما تريد، وأن تفعل ما تريد، شرط ألا تعتدي على حريات جيرانها وتدق أبواب منازلهم وتفرض عليهم سماع خرافاتها
Sent from my iPad 2 - Ť€©ћ№©¶@τ
No comments:
Post a Comment